إن الاهتمام المتزايد بتعزيز قدرة السلطة المحلية هو جزء من الاهتمام الأوسع بتطبيق الإدارة الحضرية، والتي تعد بدورها أحد مقومات التنمية المستدامة. إن النظام العالمي يتجه نحو تطبيق مفاهيم العولمة، واتفاقيات التجارة الحرة، والتکتلات الاقتصادية. من خلال ذلک برز الاهتمام بالإدارة الحضرية کأحد مفاتيح لغة العصر والترکيز على عناصرها، والتي من أهمها العمل على بناء القدرات المحلية لتواکب التقدم، وتعمل على تحقيق دورها في المجتمع بکفاءة وفاعلية وتکون رکيزة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وفي ظل ما تمر مصر به حالياً من خطوات نحو التحول الديمقراطي والاتجاه نحو بناء مجتمع يقوم على قيم الإدارة الحضرية من الشفافية والمساءلة والمحاسبية والشراکة والحوار المجتمعي الجاد يظهر مفهوم جديد لإدارة التغيير التي لابد من امتلاک أدواتها والتعامل معها بشکل جيد ليعبر المجتمع مرحلة التحول الديمقراطي ويعمل على بناء قدرات الإدارات المحلية بما يتناسب ومتطلبات العصر وتحقيق الاستدامة.
تتمثل المشکلة البحثية في عدم وجود خطوات منهجية لبناء القدرات المحلية في ظل التحول الديمقراطي وعدم وضع آلية واضحة لإدارة خطوات التغيير في هذه المرحلة ومدى قدرة المحليات على تقبل هذا التغيير وانعکاسه على مشروعاتنا القومية. وتهدف الورقة البحثية إلي وضع نموذج متکامل لإدارة التغيير في الإدارات المحلية بما يکفل بناء قدراتها من خلال خطوات منهجية محددة تعمل على تحقيق الإدارة الحضرية الجيدة التي تعد رکيزة للتنمية المستدامة بالمجتمعات
يعمل البحث على دراسة دور إدارة التغيير في بناء القدرات المحلية معتمداً على أربعة مراحل حيث يعتمد الجزء الأول والثاني على المنهج الاستقرائي لدراسة مفهومي بناء القدرات وإدارة التغيير والخلفيات النظرية الخاصة بهما ثم المنهج الميداني من خلال عمل استبيان للتعرف على مدى استعداد المحليات للتغيير والعوامل المؤثرة على إحداث عملية التغيير ثم المنهج الاستنباطي للتوصل إلي نموذج لإدارة التغيير في المحليات بصورة تحقق بناء القدرات المحلية، وذلک للتحقق من الفرضية أن إدارة التغيير تمثل أحد أهم الرکائز التي تقوم عليها عملية بناء القدرات المحلية. ويناقش البحث هذا الموضوع من خلال أربعة أجزاء رئيسية الجزء الأول يتناول مفهوم بناء القدرات والأهداف والرکائز والاستراتيجيات التي تقوم عليها عملية بناء القدرات المحلية ودورها في الإدارة الحضرية، ويرکز الجزء الثاني التعرف على ماهية الثقافة التنظيمية وثقافة التغيير وکيفية إدارتها لتحقيق أفضل النتائج ونماذج لتجارب عدد من الدول في إدارة التغيير وبناء القدرات، کما يتناول الجزء الثالث استبيان للتعرف على مدى استعداد المحليات لتقبل مفاهيم التغيير في ضوء المتغيرات الحالية، بينما يصيغ المحور الرابع نموذج متکامل لإدارة التغيير في المحليات بصورة تحقق بناء القدرات وتعزز أداء الإدارة الحضرية.